السؤال
السلام عليكم

أشكو من حالة نفسية سيئة جدا؛ لأنني فاشلة في حياتي, أشعر دائما بالنقص, وبأن الجميع أسعد مني في حياتهم, لم أتزوج الشخص الوحيد الذي أحببته (خطيبي السابق)، والآن حياتي الزوجية فاشلة جدا, أصدقائي يختفون من حياتي شيئا فشيئا بلا سبب, أو لسبب تافه جدا.

أشعر بأنني غبية, وأن أي قرار آخذه يكون غالبا خاطئا, وأندم عليه كثيرا, فأحيانا أفكر أنني كائن قادم من كوكب آخر, ولا يمكنني أبدا التعايش مع البشر.

غالبا ما يتم خداعي لمجرد أني لا أريد إيذاء أحد, وأكبر مشكلة عندي هي أني أرى أن كل نساء الكون أجمل مني، وأذكى مني؛ لأني لا أتصرف مثلهن, فأنا على طبيعتي, لدرجة الغباء ربما, ولا أتصرف مثلهن في عديد من المواقف.

كثيرا ما أقف بين يدي الرحمن راجية أن يفرج عني غمي, وأن تستقيم حياتي, لكني سرعان ما أغرق في نوبة بكاء, وأدعوه أن يأخذ روحي إليه؛ لأني ما عدت أستطيع التعايش مع الناس.

الخلاصة: أشعر بأنني لا أنتمي لنوع البشر, وأنني لا يمكنني البقاء أكثر في هذا العالم؛ لأن لا قيمة لي, وكذلك لأنني شقية جدا, وحزينة طوال الوقت, وفوق كل ذلك أنا غبية جدا, فما كلّ هذا؟

بارك الله لكم.


الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكما يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصرف عنك هذه الأوهام وهذه المعتقدات المحبطة التي جعلتك تشعرين بأنك أقل من غيرك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقك الثقة بنفسك وحسن الظن به وصدق التوكل عليه، وأن يعينك على التأقلم مع واقعك، وأن يجعلك من المتميزات المتفوقات.

وبخصوص ما ورد في رسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه يبدو أنك تنظرين إلى نفسك نظرة سوداوية، وأنا أعتقد إلى حد كبير أنك مبالغة في كلامك لأنك تهدمين نفسك هدماً بطريقة لا شعورية، فكلما كان تصور الإنسان عن نفسه سيئاً أو وضيعاً أو حقيراً كلما أدى ذلك إلى مزيد من الهبوط والسقوط، وكلما كان تصوره عن نفسه ونظرته إليه نظرة مرتفعة عالية خفاقة متميزة؛ كلما دفعها إلى التميز والنجاح.

ولذلك أول أمر أنصحك به تغيير نظرتك إلى نفسك، هذه النظرة السوداوية التي لاحظتها في رسالتك خطرة عليك جداً، ينبغي عليك أن تعلمي أن الله قد منحك وحباكِ نعماً عظيمة فلا يجوز لك إنكارها أبداً، ولقد حباكِ الله تبارك وتعالى نعماً لا تعد ولا تحصى، ورغم ذلك حصرتِ نفسك في زاوية ضيقة، وفي نقطة سوداء مظلمة، ألست زوجة؟ هناك ملايين النساء لم يتزوجن إلى لحظتك هذه، ألست مدرسة ومعلمة؟ هناك ملايين من النساء يحملن الشهادات لم يجدن وظيفة إلى الآن.

ألست إنسانة تستطيعين أن تقدمي لطلابك وتلاميذك بعض العلم النافع؟ هناك أناسا لا يستطيعون أن يتكلموا كلمة واحدة، ألست إنسانة تتعاملين مع إدارة المدرسة، ومما لا شك فيه لو لم تكوني جيدة لفصلوكِ من عملك فماذا تقولين في هذا الأمر؟ أليست هذه نعماً؟ أليست حياتك الزوجية ما زالت قائمة -إذا كنت قد فقدتِ بعض الصديقات-، فمما لا شك فيه أن هناك مساحة كبيرة أيضاً ما زالت تحبك وتتعامل معك.

إذاً أقول: لا بد أولاً من التخلص من هذه النظرة السوداوية ركزي على الجوانب الإيجابية في نفسك، واعلمي أنها كثيرة ومتعددة ومتنوعة، لماذا تركزين على السلبيات أختي سلام، أنت بذلك تقتلين نفسك قتلاً بطيئاً، ولذلك عليك -كما ذكرت- تغيير هذه النظرة حاولي أن تجلسي مع نفسك، وأن تكتبي الإيجابيات التي عندك والسلبيات، وأنا واثق يقينا بأن الإيجابيات ستكون أضعاف أضعاف تلك السلبيات.

ثانياً: عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء مع المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف الله عنك هذه الوساوس وهذه النظرة السلبية، كذلك أنصحك بالتوجه إلى إحدى أخصائيات علم النفس (إلى أخصائي نفسي) لعرض نفسك عليه لإعادة ترتيب أوراقك من الداخل؛ لأن أوراقك مبعثرة وأنت في حاجة إلى تعزيز الثقة بالنفس.

من الممكن أن تدخلي على بعض المواقع في الإنترنت، وأن تكتبي تعزيز الثقة بالذات، أو الثقة بالنفس، أو عوامل الثقة بالنفس، وستجدين كمّا هائلاً من المعلومات المفيدة والرائعة التي بها تستطيعين إعادة مكونات نفسك من جديد، لأن هذه النظرة السلبية التي عمت رسالتك من أولها إلى آخرها نظرة محزنة ومؤلمة ومدمرة كما ذكرت.

لن ينقذ سلام مما هي فيه إلا سلام، قضيتك قضية نظرة إلى النفس فإذا نظر الإنسان إلى نفسه باحتقار وازدراء فإنه لن يجد منها إلا ذلك، وإذا نظر إليها بإعزاز وتكريم فإنه أيضاً لن يجد منها إلا ذلك، وتلك مسؤوليتك أختي الكريمة الفاضلة.

اعلمي أنك على خير كثير، وأن الله قد حباك كمّا هائلا من النعم، وأن هذه السلبيات التي ذكرتيها لا تساوي شيئاً أمام عظيم فضل الله تبارك وتعالى، عليك في مجالات أخرى. وأيضا: لا مانع من استعمال الرقية الشرعية، أو الاستماع إليها، عسى الله أن يجعلها سببا في دفع البلاء.